بنجامين بوتون والمليونير المتشرد

تحية . . منذ فترة جيدة حضرت مجموعة أفلام الموسم التي حازت على جوائز وترشيحات الأوسكار لهذا العام، ورأيت مشاركتكم انطباعاتي عنها.

الفلم الأول كان حالة بنجامين بوتون الغريبة The Curious Benjamin button Case:

قصة غريبة وفريدة من نوعها، تبدأ عندما يقوم رجل – فقد ولده الوحيد بالحرب -  بصناعة ساعة كبيرة تدور الى الوراء عسى الزمان يعود ويرجع من فقدوا في الحرب.

ويبدو ان امنية الرجل تحققت لكن بطريقة أخرى . . في نفس العام وُلد بنجامين بوتون.

النجم الأول في الفلم كان المكياج الرائع الذي رافق براد بيت في مراحل حياته المختلفة، طفل يولد بعمر الثمانين عام ليبدأ رحلته نحو الشباب والطفولة بإيقاع رتيب لا يبعث على الملل.

ينشأ بنجامين في دار للعجزة لا يزورها إلا الموت وجيزي الفتاة الصغيرة التي تأتي لزيارة جدتها، لتبدأ علاقة حب  بين الإثنين تشكل محور الفلم بالتوازي مع حالة بوتون الغريبة.

أجواء الفلم تناقش بشكل غير مباشر فكرة الحياة ومسارها الدائري حيث نقطة البداية أقرب نقطة  الى النهاية وكم هما متشابهان من حيث العجز وحاجة الإنسان فيهما الى الرعاية والاهتمام.

ورغم جمال فكرة ان ترى الناس يكبرون وانت تزداد شبابا، لكنك ستكتشف كم هي مؤلمة حينما تفقد احبائك واحدا تلو الآخر إضافة الى حرمانك من متعة التواصل الطبيعي معهم سواء زوجتك أو أبنائك، فأنت تسير عكس الزمن!

الفلم جميل وممتع، رغم ما قد تستشعره من برود في أداء براد بيت وكيت بلانشيت، أيضاً المخرج لم يحبك شخصية بنجامين بوتون على المستوى النفسي بشكل جيد، حيث لا يشعر المشاهد بتأثير حالته الغريبة على نفسيته وسلوكه من جهة وعلى ردة فعل ونظرة المحيطين له من جهة أخرى!!

أداء والدته (المربية السوداء في دار العجزة) كان رائعا وأيضا قبطان سفينة الشحن أدى دوره باتقان.

بغض النظر عن الرأي النقدي للفلم، لكنه يقدم فرصة للمشاهد لكي يتخيل الحياة في الاتجاه المعاكس.

———————————–

الفلم الثاني – المليونير المتشرد Slumdog Millionaire:

يقول المبدع سعيد عقل “متجاوز حالي بهالقصيدة” تعبيرا عن اعجابه بها، وأظن بوليود تجاوزت نفسها في المليونير المتشرد.

قصة بسيطة سلسلة بعيدة عن الحالة التقليدية للغرام والانتقام المملح بالكثير من المقاطع الغنائية كما هي عادة السينما الهندية.

لن أتحدث في تفاصيل قصة الفلم وانما في اسقاطاتها، فقد تعرض المخرج الى حالة الفقر الرهيبة التي يعاني منها الكثير من ابناء الشعب الهندي ومدى تدني شروطها الإنسانية التي تدفع بالكثير من الأطفال الى الجنوح نحو الجريمة والتسول بأحسن الحالات.

أضاء الفلم على الحساسية الدينية الموجودة بين المسلمين والهندوس وحالات الاشتباك العنيف بينهما وأظهر ان المسلمين هناك هم من يعانون ويلاتها.

وتطرق الى حياة الجريمة وقسوة واستبداد قوات الأمن والشرطة مع أي شخص يشتبه به حيث التعذيب الوسيلة الوحيدة في الاستجواب.

في الفلم قصة حب بريئة تخرج عن السياق التقليدي مع الأداء الملفت للممثلين عموما، لكن العرق دساس كما يقال حيث جاءت بعض أحداث النهاية على الطريقة الهندية وتحديدا نهاية أخ البطل التي كان يمكن للمخرج معالجتها بطريقة مغايرة.

الفلم رائع ولا يحتاج الى شهادة أحد مع كم جوائز الأوسكار التي حصدها.

~ بواسطة عبد السلام إسماعيل في 2009/04/02.